القائمة الرئيسية

الصفحات

لوحة من قبيلة "سِيسَّنْ افْسِيسِّي": ذكريات الأسواق التقليدية وقيمة زيت الزيتون


لوحة من قبيلة "سِيسَّنْ افْسِيسِّي": ذكريات الأسواق التقليدية وقيمة زيت الزيتون - ذ. إدريس الگروج.


الأسواق التقليدية في قبيلة بني يازغة

كان أباؤنا يستيقظون فجراً ويذهبون إلى سوق "المنزل" باكراً يومي الأحد والأربعاء لبيع وشراء البضائع من منتوجات فلاحية أو صناعية أو أغنام وأبقار وأحياناً الحمير والبغال، ويتزودون بحاجياتهم الضرورية من أغذية وأدوات منزلية أو فلاحية وألبسة. كانوا يخرجون من منازلهم قبل تناول الفطور. وعند انتهاء التسوق، كان بعضهم يشتري خبزة "بربعا دريال" (20 سنتيماً) ويتوجه إلى السي عبد الكريم الزيات رحمه الله، ويفرغ له كمية من "سيسي" (زيت الزيتون) بالمجان في إناء "أو كايبداو إسيسنو" (يغمسون الخبز في الزيت) لتخفيف مغص الجوع، وذلك هو فطورهم المفضل أيام السوق.


عادات اليازغيين في تناول الطعام

اليازغيون بصفة عامة كانوا يكرهون تناول الأكل خارج بيوتهم وبدون حضور زوجاتهم وأولادهم. وكانوا لا يأكلون حتى يجوعوا ولا يسرفون. ومن حكم أجدادنا: "خصك اتڭوز تلاتا دشدوق بزيتونا وَحْدَا كل اشْدًقْ مع نص زيتونا أُو مص لعطم دزيتونا باش اتڭوز الشدق التالت" (عليك أن تأكل زيتونة واحدة مع ثلاث لقمات من الخبز، لكل لقمة خبز نصف حبة الزيتون وامتصاص عظم الحبة مع الثالثة).


تأثير الجوع على الطعام البسيط

كان هناك من يحمل في قب جلبابه كسرة خبز زوجته ويتناولها حافية أو مع حبات التين الجاف أو الزيتون، لأن الجوع يجعل الخبز محشوة بالسمن والعسل كما قال الأجداد: "ما تاكل الخبز غير بالسمن أو العسل". بمعنى لا تأكلها حتى يشتد جوعك. وقرأنا في مطالعتنا بالابتدائي "الجوع أمهر الطباخين".


تجارب السوق وجماعات المتسوقين

كنا أحياناً نرافق آباءنا إلى السوق، وكنا نرى جماعة من المتسوقين القادمين من القبائل المجاورة تحت "القياطن" (الخيام) يتناولون قضبان اللحوم ويشربون الشاي، ويبدأ لعابنا يتكاثر في أفواهنا من شدة الشهية التي يزكيها دخان الشواء. لكن الأباء يرفضون ذلك لأنه ليس من عاداتهم الأكل خارج الدار. و"نهدئ مغص الجوع بالخبز لمسيسنا فسيسي دي عمي عبد الكريم".


السي عبد الكريم الزيات وتجارته في الزيت

عمي عبد الكريم رحمه الله كان الزيات الوحيد في القبيلة، وكان جل زبنائه من القبائل المجاورة لقبيلة بني يازغة وعمال الضيعات الفلاحية للمعمرين. وكان يبيع الزيت في بداية الستينيات بدرهمين للتر، وفي نهاية الستينيات ارتفع ثمن اللتر إلى أربعة دراهم. وكان يعرض بضاعته يومي السوق، الأحد والأربعاء، تحت شجرة الدلب (platane) المقابلة لمقهى عمي برزاز رحمه الله.


دخول الزيوت النباتية وتأثيرها على العادات

في الستينيات، دخلت إلى سوقنا زيوت نباتية (زيت لوسيور)، وكان البعض يفضلها على زيت الزيتون رغم غلائها، لأنه كان يجهل فوائد زيته الأصلية "لالة اليازغية" أو متأثراً بإشهاراتها ومربعها الأحمر المرفوق بأفلام كانت تعرضها شركتها أحياناً بساحة السوق كالشريط الهندي المدبلج بالدارجة "الصداقة".


الكلمات المفتاحية: سوق المنزل، زيت الزيتون، تقاليد الأكل، قبيلة بني يازغة، عبد الكريم الزيات, زيت لوسيور, الأسواق التقليدية


تعليقات