بنو يازغة : الزيتون من الشجرة للرحى - أحمد المباركي
شجرة الزيتون لم تكن تحظى لدى معظم إن لم أقل كل فلاحي بني يازغة بأية عناية أو رعاية، حتى أن بعضهم لم يكن يزورها إلا مرة واحدة في السنة وذلك لجني محصولها وأحيانا لجمع ما يسقط من شدة الرياح أو ما يعرف محليا ب«حبة الريح» ولمحاربة ظاهرة السرقة التي كانت شائعة كان يتم التعاقد مع بعض الرجال للقيام بدوريات لحراسة الزيتون و«خلاصم كان من الغلة» وكانوا يسمون «الجماجة»، وللحصول على الزيت كان الزيتون يمر بعدة مراحل أبرزها :
النفيط : كانت عملية النفيط داخل القبيلة تتأخر عما هي عليه اليوم، أحيانا حتى «كيقسل الزرع»، وفي أجواء باردة جدا، مما كان يستدعي، إشعال «الطراطح دالعافية »، اعتمادا على «الشبرق» و«لعواد» وذلك لتدفئة الأيادي «الفلطانة» وخصوصا إذا كانت «الدنيا ملكطة »، كان الرجال يتكلفون ب«النفط» ب «المنافط» والنساء يتكلفن ب«اللقطة»، وغالبا ما كان الأطفال يتكلفون بتلقيط «الطياش» مكافأة وتشجيعا لهم (بيعه) أما «الشعاطط » فكانت «مكيلحقوها غير باباسات» ومن لم يستطع لها سبيلا فمصيرها «التشواش» أو الزرزور، وبعد صلاة العصر يتم نقل الحصيلة اليومية على الدواب إلى البيوت لتخزينها.
التخزين : كان اليازغيون يخزنون محصولهم من الزيتون في سلال قصبية على شاكلة السلال التي كانوا يخزنون فيها الزرع لكنها أصغر منها في الحجم والطول، أو في «الخناشي د السكر » وكلاهما كان يسمح بخروج« الدرد» أي المرج الذي يأخذ طريقه إلى خارج البيت عبر «المجرى » التي لم يكن يخلو أي بيت يازغي منها، عملية التخزين كانت تستمر لأسابيع كما كان يقال محليا «حتى يروب»، وقبل التخزين وأحيانا وعند اللقطة كانت النساء تعزلن أجود الحبات الزرقاء «لترقيدها ».
الطحن أو الطحين : قبل الطحين كان لا بد من «تعليم الرحى » أي الحصول على «النوبة » أي تحديد اليوم والتوقيت (الليل أو النهار)، تلك النوبة قد تتطلب انتظار أحيانا أسابيع نظرا للاقبال الشديد الذي كانت تعرفه «الرحي» وخصوصا عندما يكون الإنتاج وفيرا...
عند وصول «اليوم الموعود » أي النوبة يستيقظ الفلاح وأسرته باكرا، يتم نقل الكمية التي ستطحن إلى «العين» أو البئر، من أجل غسلها من الشوائب، وخصوصا تفكيك الزيتون الذي اصبح عبارة عن كتل متراصة مزينة بلون ابيض يشبه الملح، ما تم غسله يتم نشره على «حصر من الحلفاء » من أجل «تشميشه» ولم تكن النسوة تفوتن الفرصة «لعزل »بعض «الكيلوغرامات» للاستهلاك و«حك الخبز».
ما تم غسله وتشميشه يؤخذ إلى الرحى حيث يوضع في «الميدة » قبل «دوران البهيمة » لا بد من إخراج «العشور » أي المقابل أو الخلاص، وكان غير محدد ويرتبط بكرم وجود الطاحن، وطريقة تعامله مع «الترابية »المخصصة لذلك، كما يتم إيقاد «الكانون» وتشطيب الرحى وغسل« الشوامي » وووووووووو
الاجواء داخل الرحى اليازغية كانت مشابهة لأجواء النادر سواء في قدسيتها أو في شكلياتها، مع ملاحظة الحظور اللافت للرقم 3 سواء في الرحى اوفي النادر، فعلى غرار الدرسة التي كان لا بد ان تقلب ثلاث مرات قبل « التدرية » فالزيتون هو الآخر كان لابد أن ينقل عبر الشوامي الى الزيار ثلاث مرات قبل«السقي»
الزيار قديما كان من خشب وكان اسمه «أزقور»
عند وضع الشوامي في الزيار يهبط الخليط « الزيت والدرد» في «النقير» عبر مجرى صغير.
النقير : مقسم إلى جزأين، جزء كبير يهبط فيه الخليط حيت تطفو الزيت إلى السطح بين يتسرب الدرد عبر فتحة في أسفله إلي الجزء الثاني الأصغر ،لذلك بين الفينة والأخرى ترى الفلاح يفتح النقير «باش ينقص الدرد».
السقي : وهي العملية الأهم واللحظة الحاسمة التي تحبس الأنفاس، ولم يكن يحضرها سوى «الساقي » ومساعده، وإن دعت الضرورة لمكوث البعض «فالصمت واجب» «وقلب الظهر للكانون فرض».
كان الساقي يجثو على ركبتيه، ومساعده على يمينه، ثم يشرع في استخراج الزيت بواسطة آنية غالبا كانت «طبسيلا»، الطبسيل يخويه في «القلة» (كانت وحدة لعبر الزيت تساوي 10لترات) وكل قلة «تخوى» في آنية اكبر (البوطة مثلا)
بعد ما «يطلع الدرد فالطبسيل» تبدأ عملية «الطريب بالمنديل» وهو ثوب ينقعه في النقير ويعصره في آنية خاصة للحصول على زيت «مخوطة » غالبا ماكانت النسوة تغليها على النار للحصول منها على زيت صافية.
وغالبا ماكان « الطاحن » يطمع في «قيام قرقوزة» التي قامت لفلان وظل يسقي الزيت «حتى ما جبر فاين يلقيها» .... هههههههه ههههههههههه
تعليقات
إرسال تعليق