خلال السنوات التي قضيناها بهاته العزيزة على قلوبنا تتلمذنا على أيدي مجموعة من الأساتذة، كان لكل واحد منهم خصوصياته وشخصيته، منهم من ترك بصمته فينا، وكان له أثر كبير على مسارنا الدراسي بل أحيانا أكثر من ذلك. و منهم من لازلنا إلى اليوم نحمل عنهم انطباعا ايجابيا ومنهم من طواهم النسيان، كما تشاركنا بهذه الثانوية أوقات ولحظات منها الحلو ومنها المر، سواء داخل الفصول أو خارجها مع العديد من الزملاء والأصدقاء، الذين ستبقى ذكراهم في نفوسنا ويهزنا الحنين دوما لها رغم بعد الزمان والمكان عنهم. كما واجهتنا الظروف أحيانا مع بعض الإداريين، خصوصا الحراسة العامة هؤلاء الاداريين الذين كان بعضهم يكفيك استعطافه لقضاء حاجتك بل كان تسامحهم أحيانا لا يخدم مصلحة التلميذ خصوصا التسامح مع الغياب، أما البعض الآخر فكان غالبا ما يكون ضروريا حضور ولي أمرك (الفعلي أي دون تزوير) والخضوع لبحث معمق قد تتخلله بعض «الطرشات»، هؤلاء كنا نضرب لهم ألف حساب وقد تتردد لمرات عديدة قبل أن تطرق أبوابهم، ومجرد سماع كلمة «زيد » تزرع فيك الرعب وتصيب لسانك بالثلعثم وتنسيك ما جمعته وما حفظته من جمل لتبرير حضورك لمكتبهم (خصوصا الغياب) وربما قد تنسيك الغرض الذي جئت من أجله، وأظن ان مدارسنا في حاجة اليوم لمثل هؤلاء الرجال للحد من الكثير من المظاهر المشينة التي تعرفها الكثير من مدارسنا... تلك الوجوه التي لازالت وستظل محفورة في ذاكرتنا تعد بالعشرات لذلك سأكتفي ببعض البورتريهات و بذكر نماذج منها فقط:
- السي العيادي رحمه الله: والذي لقب «اشعايبة» كان يطغى على اسمه الحقيقي، أظن أنه قبل تعيينه حارسا عاما كان يشتغل مدرسا للعلوم الطبيعية، كان يتميز ببنيته الجسمانية القوية، و «كوستيماته» الفريدة من نوعها، وسيارةR4 البيضاء، وصوته الجهوري القوي الذي كانت ترتعد منه الفرائس، كان الوقوف أمامه لطلب ورقة الغياب بمثابة امتحان حقيقي نظرا لبحثه الدقيق عن سبب الغياب ومجرد ذرة شك في العذر الذي تقدمه، يعني ضرورة حضور ولي أمرك الذي يخضع هو الآخر لتحقيق الهوية، نظرا لشيوع ظاهرة تزوير أولياء الأمور آنذاك خصوصا أيام السوق الاسبوعي، ذلك التزوير الذي كان يقابل بنوع من التساهل في الجهة الأخرى من الحراسة، حتى أن بعض الوجوه أصبحت معروفة وتتقن تمثيل دور « ولي أمر »، ولشدة صرامته كان البعض يفضل الذهاب إلى مكتب المدير السي حميد طالب أطال الله في عمره، تلك الصرامة والشدة التي عرف بها السي العيادي رحمه الله كانت تصب في مصلحة التلاميذ وعن حسن نية وكانت عادية ومطلوبة لتحقيق الانظباط الذي فقد اليوم في كثير من مدارسنا...
- باشلار : وهو اللقب الذي كنا نطلقه على أستاذ الفلسفة الإدريسي، كان لا يلبس إلا سراويل «الجينز»، كان يشد الأنظار إليه عند إلقاء وشرح الدرس بحركة يده اليمنى التي كان يعصرها ويوجهها نحو دماغه، كانت دروسه فلسفية وبامتياز، كان يغرس في تلاميذه حب أسلوب ~التفكير الفلسفي~ القائم على السؤال والاشكالية والبحث...؟ أسئلة فروضه غالبا ما كانت تبدأ ب : إلى أي حد يمكن...؟ المهم مع هذا الأستاذ عرفنا معنى الفلسفة بل تذوقناها إن كان فعلا لها ذوق!
- الأستاذ شهيد : ذلك الأستاذ الطويل القامة، صاحب المشية المتميزة، والذي كان يردد مصطلحات خلال الدرس لم نفهمها ولم نتكتشف مغزاها و التي ربما كانت تعبر عن توجهه السياسي الثوري من قبيل: البروليتاريا، الرأسمالية المتوحشة، الاشتراكية... ذلك الأستاذ كان يردد كلمة أو حرف «إذن» لعشرات المرات خلال الحصة الدراسية الواحدة، كما كان يفتتح الدرس من حيث انتهى الدرس السابق، وعند نهاية أي درس كان يطلب من كل واحد كتابة خاتمة لذلك الدرس، بعد قراءة مجموعة منها يختار أحسنها لتدون في جميع الدفاتر.
- الاستاذ عبد اللطيف الناجي : استاذ الرياضة صاحب الجملة الشهيرة «vous êtes la crème de la classe» والتي كان يقولها عنذ قيام أي تلميذ او تلميذة بحركة أو رمية جيدة خلال حصة الرياضة...
- الأستاذة جلال : أستاذة اللغة الفرنسية، صاحبة قصة الشعر الفريدة آنذاك، كانت الإبتسامة لا تفارق محياها، لم تكن أبدا تتكلم العربية داخل الدرس، كانت لا تفضل أحدا على الآخر، المهم هو التحصيل ثم التحصيل...
ونظرا لطول قائمة تلك الوجوه سأكتفي بذكر بعض الأسماء أطال الله في عمر من لا زال منهم على قيد الحياة ورحم الله من التحق منهم بدارالبقاء:
- العربية : أخمال، مطاب
- الفرنسية : جلال، المسعودي
- الاجتماعيات: شهيد، كعبوش
- التربية الاسلامية: خرباش الحسين، المراني
- الانجليزية: بوعزة، ناصر عبد الرحمان
- الرياضة: الناجي، كرونجار رحمه الله
- العلوم الطبيعية : الدويب
- الفلسفة: الادريسي، بازانو
- الرياضيات : حسن أغزر.
تعليقات
إرسال تعليق