أبو جيدة بن أحمد اليزغيتني تـ365هـ
هو الفقيه الحافظ الشيخ الصالح الإمام العارف أبو جيدة بن أحمد اليزغيتني الفاسي، يكنى أبا النور، كان يسكن في حارة فاس خارج باب بني مسافر، وينتسب لبني يزغتن، ويقال لهم بني يازغة، وهي قبيلة أمازيغية تقع جنوب شرق مدينة فاس.
لم تسعفنا مصادر ترجمته في بيان حاله بتفصيل، لكن مما اتفقت عليه أن الرجل كان من كبار أهل العلم والفقه والصلاح بفاس خلال القرن الرابع الهجري، وعُدّ ـ على اصطلاح الصوفية ـ من أوتاد أهل الأرض في زمانه، هو ودرّاس بن إسماعيل، والغازي بن فتوح، وابن شبة.
كانت له رحلة إلى المشرق، أسعفته بلا شك في تنمية مداركه وعلومه، فصار راسخ القدم في فقه مالك والشافعي معاً، وتَنسب له المصادر تأليفاً في «الوثائق» على طريقة الشافعية.
واشتهر رحمه الله بكرامات ومناقب عديدة، استفاض ذكرها في المصادر، وذكر ابن سودة في دليله أن بعضهم ألف في مناقبه تأليفاً سماه: «مناقب الشيخ الجليل أبي جيدة بن أحمد اليزغيتني»، وفيه فضله أيضاً أنشدوا:
أفكري إن ترد نيل المرام...فبادر لامتداحك للكرامولاسيما أبو جيدة الذي قد...سما في الأوليا أعلا مقامله قدم على قدم الموالي...الكرام الآخذين عن التهاميبأنوار الجلالة نار قلبا...أبو جيدة الإمام بن الهمامأفاض عليه ذو الإحسان غيث المواهب والعطايا بانسجامبباب بني المسافرين حل قلبا...ولكن ضاء كالبدر التمامفمثلك يا أبا جيدة...لتجديد الهنا في كل عامعليك من المهيمن كل وقت...سلام في سلام في سلام
ولعلّ أبرز ما عُرف به الشيخ أبو جيدة رحمه الله: فتواه في حكم أرض المغرب، التي أنقذ بها البلاد والعباد من سطوة الجبابرة؛ إذ يُحْكى أن أحد عمال المنصور بن أبي عامر حين تغلَّب على أرض فاس، قال لهم: أخبروني عن أرضكم؛ أصُلح هي أم عنوة؟ فقالوا له: لا جواب عندنا حتى يأتي الفقيه – يعنون: أبا جيدة بن أحمد- فجاء أبو جيدة، فسأله، فقال: ليست بصلح ولا عنوة، إنما أسلم عليها أهلها، فقال لهم: خلَّصكم الرجل.
توفي رحمه الله سنة 365هـ، ودفن خارج باب بني مسافر، ويعرف اليوم بباب سيدي بوجيدة، وفي ذلك أنشد الشيخ المدرع في منظومته في صلحاء فاس:
مما يلي باب المسافرينا...وخارج الباب به دفيناشيخ شيوخ العلم والتمكين...محيي طريقة الهدى والدينالعارف المحقق القوي...الواصل المقرب المرضيهو أبو جيدة حبذا الإمام...ضريحه مبجل له احترام
من مصادر ترجمته: جذوة الاقتباس لابن القاضي المكناسي:(107-108) وتصحفت فيه سنة وفاته إلى 563هـ،ـ الروض العطر الأنفاس لابن عيشون الشراط:(320-322)، جنى زهر الآس للجزنائي:(7)، سلوة الأنفاس لمحمد بن جعفر الكتاني:(3/115-118)، دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بنسودة:(1/221)، النبوغ المغربي لعبد الله كنون:(50-51).
إنجاز: د. طارق طاطمي.
تعليقات
إرسال تعليق