أحبك يا امطرناغة !
---------------------------------------------
نعم، أحبك يا امطرناغة، ومازلت أحبك إلى آخر رمق في حياتي.
لقد كنت يا امطرناغة شابة، وكنت أنا كذلك في ريعان شبابي.
لم أنكر أنك كنت كأم حنون، الحياة فيك جميلة، والأزقة تعج بالحركة، والساحات رغم صغر مساحتها كانت ممتلئة بالأطفال يلعبون ويمرحون فيها.
وفي الجانب الآخر، كان كبار السن والشيوخ يتحدثون ويبتسمون من شغب الأطفال وأصواتهم العالية.
إن امطرناغة، بالفعل، كانت أما حنونا
أطفال يتحركون ذهاباً وإيابا، ورائحة الخبز تفوح من المنازل، وكانت تطبخ في أفران تقليدية تبنيها النساء بأنفسهن.
أصوات الغنم والبقر والماعز وصياح الديكة، تملأ الأزقة في الصباح الباكر..
إنه قلب ينبض بالحركة، أناس بسطاء طيبون متعاونون، متحابون، كانوا يتسمون بالرجولة والشهامة والكرم.
إن كل ما قلته في حق هؤلاء الرجال، يتجلی في الأعراس والمواسم والمناسبات. كان كل واحد يساهم بما يقدر عليه من مأكل ومشرب بلا من ولا أذی.
يا لهم من رجال ونساء كرام بررة !
أما أيام الربيع، وما أدراك ما أيام الربيع ؟ المياه جارية في السواقي، والطيور تطير وتزقزق، وكان اللقلاق، بالخصوص، أول من يبشرنا بقدوم هذا الفصل الجميل.
وكانت الغابة المجاورة تحيط بالدوار كحزام من ذهب في خصر امرأة فاتنة الجمال.
*****************************
أما الآن، يا امطرناغة، إنني أتأسف علی ما آلت إليه أيامك الخالية، دور خاوية علی عروشها... لا بقر ولا غنم
خذوا البقر والغنم وكل شيء، واتركوا لي امطرناغة.
أناس رحلوا عنا إلی دار البقاء
طيور هاجرتنا إلی غير رجعة ...
قبور وأضرحة نسيها الناس، وعفا عليها الزمان...
غابة ومراعي لم تبق في ملك أحد..
*****************************
هذه هي امطرناغة، وهذا حالها، ولكن لن أنس فضلها علي، وستبقی خالدة في جوارحي إلی أن ألقی ربي الكريم.
لا تؤسفني شيخوختك، بل أفتخر بتاريخك ومجدك القديم.
ستبقي يا امطرناغة خالدة خلود التاريخ ودوامه، وبارك الله فيك وفي ما تبقی من أناسك الأمجاد وعشت معززة مكرمة، رغم نوائب الدهر، بين الأماكن التي نكن لها كل الحب والاحترام، بتاريخها المجيد.
والسلام عليك يا امطرناغة ورحمة الله تعالى وبركاته.
بقلم: عبد السلام اغزر
الرباط، في 27/01/2016
تعليقات
إرسال تعليق